وفي الصفحة 201 ذكر حديثاً
(( إذا التقى المؤمنان فتصافحا نزَلَت عليهما مائة رحمة , تسعون لأشدهما فرحاً وبشراً لصاحبه وعشرة لآخر ))
ثم ذكر رواية فيها تسع وتسعون رحمه للأول وواحدة للثاني وعزاه إلى أبي داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وذكر أرقام الصفحات !
التعليق
وأقول: إن الحديث غير موجود عند أحد من هؤلاء الأئمة , وقد عزا الإمام العراقي نحوه إلى الطبراني وذكر أن فيه الحسن بن كثير وهو مجهول , كما نسبه السيوطي , بلفظٍ يشابه لفظ الطبراني , للحكيم وأبي الشيخ , وقال المنذري ضعيف.وقد جاء عند أبي داود مرفوعاً
( إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عزّ وجلَّ واستغفراه غفر لهما )).قال الحافظ المنذري : في إسناده إضطراب , وفي إسناده أبو بلج , ضعّفه الإمام أحمد ,وقال : روى حديثاً منكراً , وقال البخاري فيه نظر
قال الحافظ العراقي في شرح الألفية (2/11) وفي التقييد والإيضاح (ص163) :
(( فلان فيه نظر , وفلان سكتوا عنه : يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه )) . انتهى . وقال الحافظ الذهبي في مقدمة ميزان الاعتدال (1/4,3) : (( قوله: فيه نظر , وفي حديثه نظر , لا يقوله البخاري إلا فيمن يتهمه غالباً)) . وقال الحافظ ابن كثير في الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث (1/13): (( ثم اصطلاحات لأشخاص , ينبغي التوقف عليها. ومن ذلك أن البخاري إذا قال في الرجل : سكتوا عنه , أو فيه نظر , فإنه يكون في أدنى المنازل وأردئها عنده , لكنه لطيف العبارة في التجريح , فلُيعْلم ذلك )) انتهى.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء عند ترجمه الإمام البخاري : (( وقال بكر بن منير : سمعت أبا عبدالله البخاري يقول : أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
قلتُ : صدق رحمه الله , ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس , وإنصافه فيمن يضعّفه , فإنه أكثر ما يقول : منكر الحديث , سكتوا عنه , فيه نظر , ونحو هذا. وقلَّ أن يقول : فلان كذاب , أو كان يضع الحديث . حتى إنه قال: إذا قلت فلان في حديثه نظر , فهو متهمُ واهٍ . وهذا معنى قوله : لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداً . وهذا هو والله غايه الورع )). انتهى.
إنّ الأمر الخطير الذي نجده واضحاً في منهج الجفري الجديد ليس منحصراً في رواية الأحاديث الضعيفة أو المكذوبة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - , بل وفي عزوها إلى المراجع الإسلامية الكبيرة عزواً تنقصه الأمانة !
فهو في هذا الفعل يرسّخ تلك الأحاديث في أذهان العامة وأنصاف المتعلّمين ويحدث شرخاً كبيراً في الشريعة الإسلامية.